27 - 06 - 2024

تباريح | الملك الضائع

تباريح | الملك الضائع

(أرشيف المشهد)

4-8-2013 | 04:50

أستطيع تفهم موقف قادة الإخوان ، وتشبثهم بالقشة الأخيرة في بحر هائج مضطرب يعلمون أنه سيبتلعهم..  أتفهم حسرتهم وحرصهم على عدم مراجعة أنفسهم ، فلو نظروا لصورتهم الحقيقية في المرآة ما احتملوها ، فقد ضيعوا ملكا يظلون يبكون عليه كأندلس جديدة ، ونسفوا في عام واحد نضال 85 عاما.

هذا الجيل من القيادات الإخوانية جيل بائس ، مفرط في الحلم ، قرأ الشعب المصري من أسفل الصفحة إلى أعلاها ، أحزن لهم ولا أحزن عليهم ، حالهم تستحق الرثاء والشفقة ، لا تستحق الانتقام والشماتة .

لو صدقوا ما كذبهم أحد ، ولو أخلصوا لله ما خذلهم ، ولو أحسنوا النية لجعلوا الشعب كله نصيرا ، بدلا من استعداء أنصارهم عليهم ، لم يقبلوا بالاختلاف معهم أو إسداء النصح الصادق لهم ظانين أنهم من طينة أخرى لا يخطئون.

واتتهم فرصة تاريخية لإثبات أن الإسلام يجمع ولا يفرق ، يؤلف القلوب ولا يورث الضغائن ، ينفتح على العصر ولا ينغلق على ذاته ، فهموا الإسلام الحنيف خطأ ، ولم يتركوا لأنفسهم فرصة فهم مقاصده ، فهبطوا به ، بدلا من أن يسمو بهم .. وهو سام وحده دون حاجة إليهم ولا إلى تجربتهم في الحكم.

المصري بطبيعته متدين ، يسمو بعلاقته مع الله على وساطة الناس ، وهم نصبوا انفسهم وسطاء مع السماء ، فنفروا الناس منهم على حبهم للدين ، وتمسكهم به ، فهذا يساري وذاك علماني ملحد ، وحدهم المؤمنون ومن على شاكلتهم . 

تحدثوا باسم الله وباسم الشرع ، فغرروا بأنصارهم ، وظنوا أن بأيديهم مفاتيح الجنة والنار ، محاولين إعادة سطوة كنيسة العصور الوسطى ، غير مدركين أن الزمن تغير.

وضعوا الجماعة فوق الدولة ، لذلك حاولوا تقزيم مؤسساتها ، فالقضاء فاسد والإعلام "سحرة فرعون" والجيش "تابع" والداخلية "يجب أن تؤمر فتطيع" والناس "رعايا لا مواطنون" .. سلطوا سفهاءهم  ليتعاملوا بغطرسة مع الكبير والصغير ، يهددون ويتوعدون بنفس منطق فرعون "أليس لي ملك مصر .. وهذه الأنهار تجري من تحتي" فكانوا " كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا ".

بناء الدول يحتاج أناسا من طينة أخرى .. لايضحون بالأوطان في سبيل ذواتهم أو جماعاتهم .. أظنهم لم يقرأوا قصة المرأتين اللتين تنازعتا بنوّة طفلٍ فجيء بهما إلى القاضي الذي أعيته الحيل في إثبات بنوة الطفل إلى إحداهما، فما كان منه إلا أن طلب منشاراً معلنا أنّه سيقسم الطفل به بينهما، فجزعت الأم الحقيقية وتنازلت من فورها عن بنوّة وليدها 

لكنهم لم يتنازلوا

مقالات اخرى للكاتب

تباريح | مصر ليست مجرد أغنية!





اعلان